Archive
Bahrain Freedom Movement
عام كامل مر على استشهاد الشاب علي جاسم، وما يزال القتلة يسرحون ويمرحون، ويرقصون على اجساد الشهداء، يحميهم النظام الخليفي المهتريء أخلاقيا. لم يمت الشهيد علي، بل مات قاتلوه انسانيا، وانتهى حماتهم سياسيا، وأفلسوا معنويا. فهذا ذكره يعلو في كل جنبة من جنبات بلدنا المعذب، ويحرك ضمائر الأحرار في القرى والأرياف، فاذا بالثورة تتفجر في كل زاوية بدون خوف من بطش الطغاة ومرتزقتهم، او وجل من الموت او لقاء الله، فتلك أمنية المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. صدقهم يواجه دجل الحكم الخليفي ونفاق مؤيديه وداعميه، وجميعهم كبيت العنكبوت.
واصرارهم على مبادئهم يقف مانعا من الانحراف او السقوط، ويحميهم من كيد الشيطان وحبائله وأمانيه. فلقد رأوا ربهم ببصائرهم، وأزيلت عن قلوبهم الغشاوة، وأسقطوا حب الدنيا من حساباتهم، فاذا بهم من أهل الآخرة، ممن باعوا أنفسهم لله سبحانه، فاشتراها بالجنة، يقاتلون فيقتلون ويقتلون، وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله. لقد تعلموا ان الطغاة لا وفاء لهم ولا ذمة، فسرعان ما ينقلبون على الآخرين، وينكثون بالوعود، ويسومون الأحرار سوء العذاب. علي جاسم كان واحدا من الصادقين، فصدقه الله وعده، وأورثه الجنة يتبوأ منها حيث يشاء. علي التحق بقافلة الشهداء الذين كان الهانيان أول روادها عندما رحلوا عن الدنيا مضمخين بدم الشهادة، فأصبحت روحاهما تطارد القتلة والسفاحين، وخلدا بدمهم الطاهر السابع عشر من ديسمبر، ليطاردا اليوم المشؤوم الذي يسبقه في التقويم، يوم اعتلاء أحد الطغاة الخليفيين كرسي الحكم على جثث الآدميين. يخطيء من يعتقد ان روح سعيد بن جبير قد ماتت، والتاريخ يسجل انه الشهيد الذي “قتل قاتله”، فاذا بالمنصور مجنونا يبحث عن تفسير للرؤيا التي كشفت له ان روح سعيد بن جبير سوف تقتله، فلم يخلد بعدها طويلا.
لقد بارك الله جهود الثلة المؤمنة التي انبرت للدفاع عن شعبها وامتها وكرامتها، فاذا بالبلاد تضج بالآلام من كل زاوية، واذا بالعالم يتساءل مجددا: ماذا يحدث في البحرين؟ واذا بالاعلاميين والسياسيين والمراقبين يستفسرون: لماذا فشل المشروع الخليفي في إخماد جذوة الثورة في نفوس المواطنين؟ لماذا تتكرر مشاهد العشرينات والخمسينات و الستينات والسبعينات بدون توقف او تراجع؟ ما هذا الشعب القادر على الإفلات كل مرة من الشرك الخليفي، ويحاصر النظام الحاكم أخلاقيا وانسانيا وسياسيا وأمنيا؟ لقد اعتقد “منظرو” الحقبة الحالية ان بمقدورهم خداع الجماهير الى الأبد، وتخدير الأحرار طوال الوقت. يطلقون الكلمات المعسولة كلما سنحت لهم الفرصة، بينما يواصلون مشروعهم الاجرامي ضد البحرين وأهلها. قد ينخدع البعض بتلك الكلمات، ولكن ذوي الضمائر الحية يمتلكون بصائرة حاذقة تحميهم من السقوط امام تلك الكلمات والوعود. لقد آلوا على أنفسهم، بعدما حدث في 14 فبراير 2002، ان لا يثقوا بكلمة يتفوه بها الطاغية او أي من أذنابه، بل يواجهون ذلك بالصمود والمقاومة والتحدي والاصرار ومواصلة درب الأجداد والآباء. هؤلاء الاحرار صنعتهم تجربة العقود السالفة، ورضعوا من دماء الشهداء وتنسموا عبير الحرية وهم في الأرحام، فهيهات يقوى الارهاب الخليفي على كسر شوكتهم او تضليلهم مهما بذل من جهد. لقد قرأوا في عيون الطغاة سيماء ا لكذب والنفاق والدجل، ونظروا الى الوضع باستواء وتجرد وايمان عميق، وأيقنوا بعدد من الامور: اولها انهم لن يصيبهم الا ما كتب الله لهم، ثانيها: انهم هم الفائرزون بأحدى الحسنيين، وان الخسارة ليست واردة في حسابهم، ثالثها: ان الثبات على الطريق هو ما دعوا الله ان يمنحهم اياه “ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون”. وكثيرا ما قال الواحد منهم: “اللهم اجعل خير اعمالنا خواتيمها”. رابعها انهم لم يعتبروا “تاريخهم” ضمانة لعدم الانحراف عن الخط، او صكا بحسن السلوك، لان ذلك يتناقض مع الدعاء بحسن الخاتمة، فما أكثر الذين انتهوا الى نهاية غير حميدة، بعد ان قضوا جل عمرهم في الاستقامة والطاعة والصمود. خامسها: انهم يعتقدون انه لا يطاع الله من حيث يعصى، وبالتالي فمن الضروري ان تكون الوسيلة منسجمة مع الهدف، فلا بد ان تكون الوسيلة نظيفة ليمكن الوصول الى الهدف النبيل. فلا مجاملة للطغيان، ولا تعايش مع الظلم، ولا مصافحة لقتلة الشهداء ومعذبي الأحرار، ولا مساومة على حرية البحرين ونقائها وتاريخها وثقافتها، ولا انحناء لأحد غير الله، فالعاقبة للمتقين، ولا عدوان الى على الظلمين. سادسها: ان الأهداف الكبيرة لا تتحقق بدون تضحيات بحجم تلك الاهداف، فذلك قانون طبيعي (وإلهي ايضا). فاذا كان هدفنا الحفاظ على هوية البلاد وكرامة اهلها واقامة نظام حكم عادل، فان ذلك يتطلب التضحيات المتواصلة ولا يتحقق بالتمنيات العريضة. سابعها: ان الشهداء يؤمنون حق الايمان ان الله لا يضيع عمل العاملين، وان عهد الطغيان والظلم قد يطول، ولكنه لا يدوم، وان آل خليفة ليسوا قدرا أزليا لأهل البحرين، بل محكومون بالقوانين التي حكمت من سبقهم من الانظمة العائلية كبني أمية وبني العباس. اولئك لم يخلدوا، فهل سيخلد الخليفيون؟
سجالات متواصلة تستبطن لدى من يمارسها البحث الدائم عن الطريق القويم لنيل رضا الله سبحانه، وتحقيق أهداف المظلومين والمستضعفين، واقامة نظام العدل والحق، مكان الحكم الاستبدادي الظلم. هذه السجالات مطلوبة بشرط ان لا تتحول الى هدف او ممارسة تؤدي الى الجدال العقيم الذي يؤدي الى قسوة القلوب وتوتر المشاعر. ولذلك فطالما توجهنا للمجاهدين من المواطنين، الصادقين في مواقفهم واهدافهم، لتشجيعهم على النهوض بوجه الظلم، فرادى وجماعات، على اختلاف الاساليب، لمواجهة نظام التخريب المتخلف بصلابة الرجال وعزائم الأبطال. فما حدث في الايام الاخيرة من نهضة شعبية بسواعد الشباب والنساء، يجب ان يكون دافعا للجميع لتجديد العزم، واستهداف الظلم، بدون تردد او خوف او وجل. مطلوب رص الصفوف مجددا، وتجديد العزم في عيد الشهداء، على استمرار المقاومة بكل اساليبها المشروعة، للقضاء على الظلم والانحراف و الفساد والنهب والسلب والتطهير العرقي. فالشعب الذي يكون وفيا لشهدائه يستحق الانتصار والخلود، بينما الطغاة والمعذبون ليس لهم الا الخزي والعار في الدنيا، وسيقفون في الآخرة امام رب عادل، فيوفيهم نصيبهم من العذاب لسفكهم دماء الابرياء وقتل النفوس التي حرم الله، ونهب اموال الناس بالباطل، وممارسة الظلم بدون حدود. عظيم انت ايها الشعب الصامد، وطوبى لك هذه الجحافل المؤمنة التي لا تتراجع او تهادن او تساوم، فالله ناصرك ومعينك، وهازم الطغاة والمستبدين.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
19 ديسمبر 2008