الأرشيف

يتصاغر المجد أمامكم، فطوبى لكم أيها الصامدون – حركة أحرار البحرين

تحية لكم ايها الشرفاء، يا من لبيتم نداء الوطن، ووضعتم أرواحكم على الأكف، والتحقتم بقافلة الاحرار، تعلنونها مدوية مجلجلة بدون شك او غموض: الشعب يريد اسقاط النظام. تعرفون ان الشعب اذا اراد شيئا تحقق له، بشرط الصمود والثبات والاصرار.

 وهذا ما فعلتموه طوال الشهور الثمانية من هذه الثورة المباركة التي أقضت مضاجع الطغاة وأوصلت بلد الايمان والعلم والتاريخ مواقع حضارية لم تبلغها من قبل. فجرتم الثورة في مطلع الربيع، فكنتم من السباقين للمشروع التغييري الرائد، يحدوكم في ذلك تاريخكم النضالي الطويل الذي أسس لهذا الحس الوطني الفريد الذي يدفع اهله للتقدم بشكل متواصل ولا يتوقف امام ارهاب الظالمين او ارجاف المرجفين. قلتم كلمتكم فاجبرتم الطغاة على الاستماع اليها، واتخذتم قراركم فاصبح عليهم ان ينصاعوا لارادتكم. لديهم السلاح الاعمى، ولديكم المبدأ والموقف. يعتمدون على المرتزقة المأجورين من كل حدب وصوب، وتتوكلون على الله  الذي لا يخذل المتوكلين عليه. يدعمهم المستكبرون والمتجبرون ومصاصو دماء الشعوب، ويناصركم المستضعفون والمظلومون والاحرار. تطالبون بالحرية لتكتمل انسانيتكم، ويواجهونكم بالاستبداد ليمعنوا في حيوانيتهم. ترفعون شعارات الحق والعدل ويقابلونكم بالظلم والاجحاف والقهر. فما أشد اختلافكم معهم، وما اوسع ما بين الطرفين. كان بامكانهم ان يعدلوا ويحسنوا ويصلحوا، ولكن ديدنهم الاجرام والاساءة، فليت بيننا مسافات الدنيا بدون حدود، ولا نقول لأي منهم الا ما قاله القرآن الكريم: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين”.

اجيال بعد اخرى ذاقت من ظلمهم ما لا يطاق، وتستمر الظلامة بدون توقف او انقطاع. لقد جبلوا على الظلم والانحراف والوحشية، فكلما جاءت امة لعنت اختها، وكل جيل منهم يزيد وحشية عمن سبقه. انه سباق على طريق الشر، وتنافس على السقوط الانساني والاخلاقي بدون حدود. شبابنا يتناقس على الخير، يتزاحم بالمناكب لنيل المكرمات، ويتسابق لتحقيق رضا الله سبحانه. الاستشهاد في سبيل الله غايته، فلا يرى الموت الا سعادة والموت مع الظالمين الا برما. انه حسيني بطبعه، يهزم العدو بدمه، ويطارد فلوله برغبته في لقاء ربه. الدنيا عنده ليست سوى الطريق الى الآخرة، فلا تغره ولا تستهويه الا بقدر ما تثبت قلبه على طريق ذات الشوكة. في لياليه السوداء المكفهرة بالظلم والعدوان يناجي شباب ثورة الاحرار ربه، يفتح له اساريره، ويكاشفه همومه، ويدعوه بملء فيه وكل قلبه بان يرحم هذا الشعب وينقذه من براثن هؤلاء الذين احتوشوه بلا شفقة او رحمة. قلب الام تخفق وهي ترى جلاوزتهم يداهمون فلذة كبدها في كبد الليل، نائما على فراشه بعد ان ناجى ربه وتضرع اليه ايمانا به وتصديقا برسالته. تصرخ في وجوههم فيتورم جسدها من الضرب، اما الشاب فيسحب من فراشه بعد ان ينال من العذاب قسطا لا تحتمله الجبال بصخورها. يصرخ مسترحما فلا يجد صراخه الا آذانا صماء وقلوبا قاسية كالصخر. ينهار الدم من جوانبه والجلاوزة يحتوشونه، ثم يجرونه الى “مقرات الانتقام” ليرى بعينيه على جدرانها دماء الذين سبقوه. يئن آلما  تارة ويبتهل الى ربه اخرى، ثم يفوض امره الى ربه ثالثة ويغمض عينيه على الألم. ما اعتاد هذا الشاب ان يطأطيء يوما رأسه لغير ربه، او يسترحم سواه، او يستعطف احدا من خلقه.

سباق مع الزمن بين الجلاد والضحية. فالاول يسعى لكسر ارادة البحراني العنيد، يمزق أشلاءه بمباضعه، ويملأ فاه بالسباب والشتائم، يلعن مقدساته ولا تستهويه سوى كلمات السقوط والتفاهة والتوحش والسادية. يستجمع قواه بين الحين والآخر لعله ينال من الشاب البحراني مبتغاه، فينهار امامه ويستعطفه او يتسرحمه. الضحية له شأن آخر. فقد آلى على نفسه ان لا يسمح لجلاده بكسر ارادته، بل قرر ان يكون هو رجل الموقف، فيستقبل الضربات بالصمود والصبر والاباء. تسيل دماؤه من الجراح النازفة، فيزداد صمودا، وتصميما على الثبات حتى يسقط هذا النظام ومن معه من عبيد الدنيا ولاحقي القصاع وماسحي الاحذية. يسمع كل يوم اصوات الحمير تصك مسامعه من على شاشات التلفاز او يقرأ كلماتها المقززة في الصحافة الصفراء، يقرأ فيها النفاق والخنوع والاستسلام والذل. هذه الابواق سقطت منذ عقود في مستنقع العمالة فلم تعد تحظى باحترام أحد. الضحية قرر كسر ارادة الجلاد هذا اليوم، فتكسرت نصال الظالم على جسد الضحية، ولكن الشاب البحراني يرفض الاستسلام، التعذيب بلغ ذروته، وقد سمع ان عددا من اخوته قد سبقه الى الجنة تحت مباضع العدو وعبيده، ولكن ذلك لم يزده الا اصرارا. انه اليوم سيد الموقف وصاحب الكلمة، وعنوان المجد والشرف للشعب الثائر الأبي. تعلم الشاب من تاريخه التي كتبته الدماء ان الحرية تؤخذ ولا تعطى وان للمستضعفين يوما غير بعيد يسترجعون كرامتهم ويحاكمون جلاديهم، ذلك وعد الله، انه وعد غير مكذوب. بالأمس سقط ديكتاتور ليبيا على ايدي ضحاياه، فارتعدت فرائص الطغاة الآخرين، وبدلا من ان يرعووا تلفعوا مجددا بالعناد، وولغوا في المزيد من دماء الابرياء، فما أبعدهم عن الحق والمنطق والعدالة، وما أقربهم الى الشيطان وعالمه الخاوي الا من الفساد والافساد.

البحراني اليوم رقم صعب، لا يئن تحت السياط ولا يستسلم للجلادين، ولا يساوم على مبادئه، ولا يقبل بغير حقه الكامل، كانسان كرمه الله ومنحه حق اختيار مصيره ضمن شريعة الله. ها هو يعلن اسبوع “سهام الكرامة” ويبذل الجهد لانجاحه وكسر شوكة العدو المارق. يستحق هذا البحراني الحياة لانه تعالى على الجراح، ورفض الانحناء وأبى المساومة، فمن أقوى منه جنانا، ومن أنقى منه بصيرة؟ له اليوم موعد مع المجد والشموخ، فطوبى له بهما، وما أحرانا ان نقتفي خطاه ونسلك دربه، وسير على طريقه، طريق الانبياء والصالحين والائمة الهادين المهديين وعباد الله الصالحين. سر أيها البحراني، فلن تنام على ضيم بعد اليوم، ولن ينالك شيء من قظهم وقضيضهم،ولن ينكس رأسه لأحد بعد اليوم. لقد انطلق ثائرا، ولن يتخلى عن ثورته حتى يسقط النظام الجائر ومن سايره وتابعه وصافحه واستسلم لظلمه. اما البحراني فصامد حتى النهاية على طريق ذات الشوكة حتى يحكم الله بينه وبين القوم الظالمين. فطوبى له في الاولين، ومرحى له في الآخرين، والسلام عليه وعلى عبد الله الصالحين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق