الأرشيف

Bahrain Freedom Movement

عباس ميرزا – 26/02/2007c – 15:45 | مرات القراءة: 451   

” المطلوب منا جميعا أن نعيد الصلة بين الكبار والصغار وأن نقف موحدين أمام طاغوت قوات الأمن … و أن لا نقتل أحلام الصغار أو ندفنهم برماد قنابل الرصاص …”

عندما يتقاعس الكبار فلن يسكت الصغار وسيخرجون مطالبين بمطالب الكبار،هكذا يجب أن نفهم حركة الشارع البحريني وهو على مفترق طرق، إحداها يقوده إلى بوابات جهنم وفتنة عمياء طخماء . قد يكون أولئك الغاضبون في الشوارع صبية ومراهقين وهم كذلك فعلا ، لكنهم يحلمون أحلام الكبار والراشدين .
إنهم صبية تفوح منهم رائحة الفقر وتعلو جباههم علامات العاطلين عن العمل،يخشون ظلام القادم يخرجون في بعض المناطق وبعض الليالي يحرقون إطارات لعل نارها تضيء لهم دروب المستقبل. هم يسدون الشوارع بالحجارة ومكبات النفايات كما كان الكبار منذ 1954 يفعلون ويضعون المسامير في الشارع كي لا تمر السيارات وبذلك يضمون الإضراب العام. الكبار أنفسهم كانوا في الستينات وحتى التسعينات يحرقون الإطارات و يرمون قوات الشغب بالحجارة والمولوتوف، الكبار اليوم كانوا صغارا آنذاك ، وهذا ما يدعونا إلى الوقوف والتريث قليلا. الفارق بين الجليين أن صبية اليوم لا يحظون بموافقة بعض الكبار، كما كان صبية الأمس، لكن الذي يجمع جيل صبية اليوم وصبية الأمس وكبار اليوم أن المطالب المرفوعة هي نفسها والأجواء الخانقة نفسها لم تتغير باعتراف الكبار.
الحقيقة التي يتغافل عنها الجميع هنا عديدة الأوجه منها: أن هذه الأعمال لا يقوم بها إلا الصغار عادة ليس في البحرين وحدها بل في كل بقاع الأرض وعادة ما يرغب الكبار في احتكار التوجيه و القرار ، وقد يكون الصراع بين الكبار سببا لدفع الصغار أيضا .
وجه آخر للحقيقة أن بعض الطباع مشتركة بين الكبار والحكام فقد يكتفي الكبار بإدانة قوات الأمن كما يدين الحكام أمريكا وإسرائيل سابقا ، بل أن الكبار يصدقون بيانات وزارة الداخلية أكثر من تصديقهم لقول الصغار وقد يرفعون الغطاء لتمضي قوات الشغب مرحة بقمعها للصبية الصغار وتخريب الأمن وتعكيره.
أما الوجه الأكثر نصوعا في الحقيقة فهو أن لا أحد سيسمع حتى يُستمع إليه . ومخطئ من يعتقد أنه يقدر على وقف نشاط الشباب بمقال في صحيفة هنا أو أي شيء من هذا القبيل لذا فما يرضي الشباب هو مشروع إصلاحي حقيقي لا يهادن المفسدون في الأرض .
إذن الموضوع ليس خروج صبية أو مراهقين، القضية هي صراع أجيال ينتظر حلا وكلاما موضوعيا. القضية هي ممارسات قوات أمن متعجرفة في ظل وضع سياسي مختنق معطلة قوانينه الديمقراطية مشلولة إرادة الفاعلين في حقله، مفتوح على بوابات الفتن الطائفية لطاقم معروف ومدان أصلا.
في شتاء 2001 خرج بعض صبية في ليلة رأس السنة لا علاقة لهم بمطالب سياسية، وطبل الإعلام لفتنة يقودها رجال دين ونشطاء سياسيين معارضين، وقتها وبعد تحقيقات واسعة اتضح أن هؤلاء الصبية كانوا جيلا له أحلامه التي لم يستوعبها جيل الكبار. تكررت الأحداث مرارا وظل الصبية يخرجون و أصواتهم مبحوحة يقولون بنبرات غاضبة “إننا نموت من الجوع والفقر والحرمان وأحلامنا يقتلها النظام ومرتزقة يعيثون فسادا في البلاد” لم يسمعهم أحد وظلوا وحدهم في الشوارع يحرقون إطارتهم . الواقع أن صغار الأمس كبروا كثيرا جدا ودخلوا عميقا في لجة السياسية. رغم أن كبار اليوم يدينون أفعال صبية اليوم لكنهم لا يخجلون من التباهي بأفعالهم وقتما كانوا صغارا.
حرق إطار هنا أو هناك لا يعطل السير و لا يمنع سيارة إسعاف أو سيارة مستعجلة من المضي في طريقها، والدخان المتصاعد من الإطارات لا يخنق أطفالاً رضع، أو يوقظ أطفالا يخلدون في نومهم استعداد للمدرسة صباحا. قوات الأمن هي من تختلق المشاكل عادة وترمي بقنابلها المرزية دون حسيب، وكأنها تريد التخلص من الكميات المودعة في المخازن، قوات الأمن حتى تطفئ إطارا يشتعل، تغلق طريقا طوله خمسة كيلو مترات ! قوات الأمن قد تحرق إطارا كي تحكم قبضتها على منطقة ما تعيث فيها فسادا، وإلا فمن تكلم أو تحدث أو طالب بفتح تحقيق في أعمال ” فرق الموت البعثية” التي اعتدت كثيرا على شباب لا حول لهم و قوة وعلى منابر الحسين ورمتها بقنابل المولوتوف ؟
العنف الذي يُدعي أن الصغار يمارسونه تتحمل الحكومة مسؤوليته لا لشيء سوى أنها عودت الناس على أن لا حوار معها إلا عن طريق العنف واستعراض القوة.
لا أدعي أني مؤيد لخروج الصغار، ولست أدين الكبار لدعوات التعقل الصادرة منهم، لكني أدعو إلى عمق النظر والاحتياط في إطلاق المواقف والإدانات . فهناك مطالب غير متحققة ولا سبيل لتحقيها مع حكومة تمتهن الإرهاب بغير التلويح بالقوة . وكما يحق لبعضنا أن يوصم “الصبية” ببعض السباب والشتم فمن حقهم علينا أن نفهمهم وأن نكون معهم وهم يصارعون وحوشا كاسرة.
المطلوب منا جميعا أن نعيد الصلة بين الكبار والصغار وأن نقف موحدين أمام طاغوت قوات الأمن و أن لا نقتل أحلام الصغار او ندفنهم برماد قنابل الرصاص . ليسمع الكبار من الصغار وليسمع الصغار من الكبار فالعدو يتربص بنا فتنا ومكائد لا نقوى عليها متفرقين .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق