الأرشيف

Bahrain Freedom Movement

إنقطاعات متكاثرة، مستمرة وطويلة، من يتحمل وإلى متى وعلى من يقع التعويض؟ لازالت مناطق عدة من البلاد تعيش آثار الإنقطاعات للكهرباء والمياه بشكل غير اعتيادي، غير مسبوق ولمدد زمنية طويلة، كما تعيش مناطق أخرى هاجس التعرض لنفس المعاناة. ويكفي الإشارة إلى التغطيات الصحفية التي نشير الى عناوينها، وهي مخيفة ومقلقة، تعبر عن وضع مقلق يعيشه المواطن ويعبر عن حالة متدنية في مستوى الخدمات المقدمة للدولة وتدلل على وجود مشكلة حقيقية تؤذن بأزمة عاصفة على المستوى الزمني القريب. من هذه العناوين، ودون استرسال في التفاصيل:

بعض التغطيات الصحفية لانقطاع الكهرباء

Øشمل 34 منطقة ولمدة ساعتين .. 66 انقطاعاً كهربائياً يزحف بالبحرين لهاوية «الاثنين الأسود » [1]

Ø57 انقطاعاً كهربائياً في 22 منطقة و5 آلاف مكالمة شاكية

Ø8 انقطاعات طويلة حصيلة أمس… بعضها استمر 25 ساعة

Øانقطاعات كهربائية طويلة في مناطق واسعة من البحرين

Øبعد أن بلغت الشكاوى 5500 مكالمة لليوم الواحد.. انخفاض بلاغات انقطاعات «الكهرباء» إلى 1800 بلاغ أمس

Øبعضها استغرق 17 ساعة ..انقطاعات كهربائية طويلة في 20 منطقة

Ø«الشمالية» أكثر المحافظات انقطاعاً للكهرباء والماء والأهالي يلوحون بالاعتصام

Øانقطاعات كهربائية متكررة في مناطق مختلفة بالبحرين

Øانقطاعات كهربائية في عسكر منذ أربعة أشهر

Øانقطاع الكهرباء عن 42 مجمعاً سكنياً احتراق محطتين وكابل في السنابس ومدينتي حمد وعيسى [2]

أما عن انقطاع المياه، فبعض التغطيات الصحفية جاءت كالتالي:

Øمزارع البحرين مهددة بالجفاف بعد 10 أيام من انقطاع الري

Øالصدفة أدت لتوقف تدفق 9 ملايين جالون من الماء فانقطعت عن بعض المناطق

Ø8 مجمعات بمدينة عيسى بلا ماء 40 يوماً

Øعباس: «النبيه صالح» بلا ماء لليوم الرابع على التوالي !

Ø« العيادات» في السلمانية بلا ماء،  “الكهرباء”: خلل طارئ يوقف تدفق الماء إلى «السلمانية »

Øالمعامير بلا ماء منذ 3 أيام

Øمجمع 905 و907 بالرفاع الشرقي بلا ماء لأسبوع

Øالرفاع الشرقي من دون ماء لـ 3 أشهر

Ø«أزمة المياه» مستمرة في المنامة والصهاريج لا تكفي

Øمجمع 500 في مقابة من دون ماء لأسبوع

Øانقطاع المياه في مدينة حمد.. والكهرباء «لا ترد » [3]

أما من العناوين التي تعبر عن معاناة إنسانية، فهي:

Øنوبة ربو بسبب الحر تنقل امرأة للطوارئ

Øأهالي سار: حظائر الحيوانات تتمتع بالكهرباء والمواطن «هلكان »

Øالعكر: السيارات تتحوّل إلى غرفة نوم ومدرسة ومطعم

Øالكساد يصيب محلات بمدينة عيسى وتوبلي إثر الانقطاعات

Øالبلاد القديم تحيي مجلساً للعزاء وسط الظلام

Øأيعقل أن يضطر أهالي مجمع 711 بجدعلي للإنتقال من منازلهم إثر إنقطاع المياه عنهم لـ٣ أيام متتالية.. [4]

Øواستمر مسلسل انقطاعات الكهرباء في الرفاع، جرداب، وجدعلي، وسترة، والنويدرات، وتوبلي، وعالي، ودمستان، والسلمانية، والجفير، والحورة، ومقابة، والعدلية، والمنامة، وبني جمرة، وطشان، والمصلى، وباربار، وسار، والديه، والبلاد القديم، ورأس رمان، وجدحفص [5].

 في ظل الإرتفاع في درجة حرارة الجو قبل دخول فصل الصيف بشكل كامل، وفي ظل فشل أجهزة الدولة كما تؤكده تصريحات المسئولين ( »الشمالي« يشتكي استخفاف »الكهرباء والماء« بهم.. تحميل »الكهرباء« مسؤولية الانقطاعات.. والمطالبة بمحاسبة المتسببين [6])، فإن أزمة المعاناة لن تتم، بل هي أكبر من أن يتم معالجتها في القريب العاجل. وعليه، فتساؤلاتنا في هذا المحور ما يلي:

إذا كان المواطن لا يستلم خدمة بمستوى المطلوب، بل إنه لا يستلمها أصلا. وفي بعض الأحيان، يعاني صحياً (بشكل مباشر لمن يعاني من الربو، أو الحساسية الجلدية أو غيرها من الأمراض التي تتأثر بالحرارة او يحتاج علاجها للكهرباء)، ويخسر الخسائر المادية جراء عطب الأجهزة الكهربائية والإلكترونية بسبب الإنقطاع المتكرر للكهرباء. فهل يحق لمقدم الخدمة – أجهزة السلطة والحكومة- أن تطالب المواطن- الزبون- بدفع المال لقاء خدمة، إما لا يستلمها أو أن ذات كفاءة رديئة؟ وهل يحق للمواطن- أو الزبون- أن يرفض أن يدفع فاتورة الكهرباء والماء، بسبب عدم حصوله على الخدمة، وإذا حصلها، فإنها متقطعة، أو ذات كفاءة وجودة متدنية؟

 أعتقد أنه ينطبق على هذه الخدمة والمنتج الخدمي، نفس المنتجات الأخرى، فلا يمكن تبرير دفع قيمة منتج لا يفي أو يرضي الزبون، وهذا حق للمستهلك بأن يرد المنتج أو ان يحصل عليه تعويض إذا لم يكن بالمستوى المطلوب أو الكفاءة اللازمة لتحقيق راحة الأنسان والحفاظ على صحته. وإلا، فكيف يبرر الانسان- خصوصا من “الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين يصنعهم النظام”- أن يهدر ما يحصل عليه من مال قليل ومحدود، دون مردود خدمي ودون راحة؟

ضحية الخصخص والفساد- هل مطلوب من المواطن أن يسدد فواتير فساد وسرقة للمال العام ؟

لقد انتشر الحديث عن وجود قضايا فساد مالي وإداري في محطة “الحد” في مراحل إنشاءها المختلفة، وزاد الطين بلة أن يقوم النظام بتخصيص إنتاج الكهرباء- لقطاع خاص “غير بحريني” يهمه بلا شك الربحية وتلافي الخسارة. فلم نر مشكلة الإنقطاع، الذي أصبح ظاهرة إلا في فترة “الإصلاح” المزيف والمزعوم. فبخصوص الخصصة التي لم يتم استشارة شعب البحرين فيها، فقد   قام النظام في يناير من العام 2006 ببيع حصة انتاج وتشغيل الكهرباء والماء على مجموعة تضم 3 شركات أجنبية وهي: «انترناشنال باور» من بريطانيا، لها 40% وبدورها تقود المجموعة، و شركة «سوميتومو» من اليابان و«سويز تركتيبل» من بلجيكا وتمتلكان باقي الحصص بالتساوي (30 في المئة لكل شركة)، في صفقة مليونية حازت على بجائزة مؤسسة ”يورومني” ومجلة ”بروجكت فاينانس” كصفقة العام في مجال الطاقة لعام 2006 على مستوى منطقة الشرق الأوسط  (القيمة الإجمالية للصفقة تبلغ 1300 مليون دولار أميركي ) [7] . الجدير بالذكر أن حكومة خليفة بن سلمان قد وقعت عقد “شراء” منتجات الكهرباء والماء من هذه الشركات لمدة 20 عاما. ( من له المصلحة في ذلك، ومن حول القومسيون “الكوميشن” الى البنوك الدولية، جراء هذه المعاملات، على حساب المصلحة الوطنية العليا؟؟ أسألة لابد لها من أجابة، طال الزمن أم قصر.)

فمشاكل المياه والكهرباء إزدادت بعد تشغيل محطة الحد [8]، أما عن إنقطاعات تمويل الكهرباء والماء بما يلبي حاجة المواطنين، فقد بدأت بعد تخصيص هذا القطاع الحيوي العام. ( لا نريد أن نتحدث الان حول علاقة الزيادة وسوء التخطيط في الطفرة السكانية- بسبب مشروع التوطين والتجنيس السياسي- أو العمراني- بسبب مشاريع فتح سوق العقار لغير البحرينيين ومنافسة غير متكافئة مع الإمارات وقطر).  

من جهة أخرى، وفي منتصف مايو الماضي، افتتح ولي العهد- وليس رئيس الوزراء كالعادة- محطة لإنتاج الطاقة (العزل) في الحد أيضا وهي لقطاع خاص بكلفة حوالي 140 مليون دينار ومن المفترض أن تزود هذه المحطة الشبكة الحكومية بالطاقة بشكل تدريجي يكتمل في العام الجاري 2007 وقد صرح ولي العهد بأن ”المشروعات الاستثمارية المتعلقة بزيادة الطاقة الإنتاجية للكهرباء ستوجه إلى القطاع الخاص بهدف إشراكه في التنمية ”. [9]

في ظل هذا التوجه المحموم للخصخصة ( سنتناوله لاحقا)، والمشاريع التي تم دفع قيمة خصخصتها (في جيب من؟) والتي من المفترض أن تزيد من الطاقة الإجمالية المنتجة، وهي كذلك، فأين تلك المشاريع مما يحدث هذه الأيام، من قطع متكرر لساعات طويلة ولمناطق مختلفة. إن الملايين التي تم – سلطها- من خلال هذه المشاريع، والتي ذهب بعضها، أو العمولات عليها، لجيوب وحسابات خاصة، لم تسهم في راحة المواطن الذي يجب عليه أن يغطي الفرق في التكلفة والمصروفات والأرباح. إن الحديث عن عطب واحتراق كابلات، ومولدات، وقطع ضرورية لإنتاج وتوزيع الكهرباء [10]، تدلل على فساد معروف ارتباطه بالخصخصة، والبعد عن عين الرقابة العامة والمحاسبة، بل وعدم المبالاة بحديث التنفيس في الصحافة والمجالس الصورية، التي خصصت لهذا الأمر.

والأسئلة المشروعة، في هذا الشأن هي: كيف يطالب المواطن بدفع فواتير سرقات وسوء تدبير وفساد مالي وإداري ارتبط بعمليات بيع وشراء، وعملات– كوميشن- تحت الطاولة، فهو يدفع مرتين: مرة لقاء خدمة سيئة، ومرة لاستبدال القطع العاطبة، وإعادة التشغيل؟ فهل يحق للسلطة أن تلزم المواطن بدفع، ما استلمه البعض من رشوات وعمولات، لإعادة بناء المحطات وبيع الطاقة مرة أخرى، وبأسعار عالية؟ أن المتوقع أن ينتج عن أزمة الإنقطاعات، ارتفاع أسعار تكلفة الكهرباء والماء، بدعوى شراء أجهزة أكثر كفاءة، وقدرة لتحمل الحمل الموجود، فالتبرير جاهز الآن. وهل من حق المواطن ان يرفض أن يساهم في دفع تكلفة هذه الأجهزة التي كان من المفترض أن يتم شراءها مسبقاً- بجودة مقبولة وسعة مطلوبة، بدلاً من الأجهزة الرخيصة التي تم اقتناءها، وبأسعار خيالية، لتفشل في أول امتحان؟

عدم الإستفادة من الخصومات، والقطع لا يمس شريحة من المجتمع

في إحدى حركات الدعاية باسلوب المكرمات، تم إقرار تخفيض فواتير الكهرباء لمحدودي الدخل، ليتضح لاحقاً، بأن التخفيض شمل عدد بسيط من المواطنين، وضم مسئولين كبار في الدولة، الذين لا يدفع الكثير منهم، أي فواتير. وهذا ما أقرته التقارير التي صدرت، وأخرها تقرير الرقابة المالية، مع تحفظنا على الكثير مما جاء في التقرير، إلا إن هذه الجزيئة لم يتم نفيها، وطبعاً لم يصدر إي توجيه للتحقيق في الأمر ومحاكمة من يقف وراء هذه السرقة في المال العام، ويطالب باسترجاعها، ناهيك عن تعويض من حرموا من الانتفاع منها بسبب هذه الجريمة.

 من جانب آخر، فلا يوجد برنامج ضمان اجتماعي يأخذ في الحسبان دعم دعم الفقراء ومحدودي الدخل بشكل ممنهج بعيد عن المكرمات التي بدا واضحاً أن يستفيد منها بشكل أساسي، من “ضرب على صدره” وروج لها، ومن سرقها من المسئولين الكبار في الدولة.

أيضاَ، هناك شرائح في المجتمع ليس فقط لا يمسهم القطع- فهم عصيين على القطع. وهنا نتحدث عن بيوتهم، ومشاريعهم، وبيوت ومشاريع من يلف حولهم من أصحاب النفوذ. بل، إن هناك من لا يرى فاتورة كهرباء أو ماء، و تشمل بالتحديد أفراد من العائلة الحاكمة، إن لم يكونوا جميعا.

وفي هذا المحور نتسائل، كيف تتوقع السلطة من المواطن المحروم، والذي ليس له نفوذ، أن يدفع فواتير من لا يدفعها ولا تنقطع عنه خدمة الكهرباء والماء؟ وكيف يرضى المواطن العادي أن يدفع الفواتير العالية، وهناك من لا يرى فواتير- عوضاً عن دفعها- ولا يمسه قطع ولا هم يحزنون؟

النتيجة:

يتعرض عشرات الآلاف من الشعب لمعاناة وبشكل غير طبيعي تتمثل في خدمة رديئة ومتقطعة، ويلزم بدفع فواتيرها. في حين أن هناك من يتنعم بالكهرباء والماء 24 ساعة في اليوم، 365 يوم في السنة، دون أن يدفع ولا فلس. فهل يحق للمواطن في ظل هذا الوضع أن يمتنع عن دفع فواتير الكهرباء والماء، تحت عناوين؟:

– الخدمة السيئة وغير المتوفرة، بل تسبب قلق ومعاناة وأمراض وخسائر للمواطن

– التمايز والتمييز بين نخبة متنفذة وبقية أفراد الشعب دون تفريق

– المحسوبية والفساد الذي أدى لسرقة المال العام في قطاع خدمات الكهرباء والماء

– عدم وجود دعم للشرائح ذات الدخل المتدني (حوالي 90% من الموظفين رواتبهم أقل من 400 دينار بحريني)

– عدم مبالاة النظام لمعاناة الناس- الذين يضجون وملئت صيحاتهم الجرائد ولا من مجيب.

أعتقد أن على النظام، وبسبب تحمله المسئولية الكاملة أن يقوم بتعويض المواطنين جراء الخدمة المتردية وسرقة المال العام، وعدم وجود الدعم، أن يسقط فواتير المواطنين سواء الذي لا يستطيعون أو الذين يعتقدون بحقهم في المساواة في الانتفاع بالمال العام. وتستطيع أن تدفع الدولة ذلك من خلال استرجاع الأموال التي سرقت في العمليات المرتبطة بمشاريع خدمة الكهرباء والماء، ومن فائض مدخولات النفط، وخصوصاً حقل أبي سعفة المائي، ومن مجلس العائلة والديوان الملكي المسئولين عن إسقاط الفواتير عن أفراد العائلة الحاكمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق