الأرشيف

Bahrain Freedom Movement

جياع لكنكم ليوث الوغى بايمكانكم

كلمة الدكتور الشهابي في ندوة العاطلين – 23/06/2007 – 1:53

ان من مهازل القدر ان تكون حقوق العاطلين (او بالاحرى المعطلين) عن العمل موضوعا للمزايدة والمساومة في السوق السياسي الذي يرأسه كبار اللصوص. فلولاهم لما كان هناك عاطلون في بلد أنعم الله عليه وعلى أهله بالخير، ولكنه ابتلي بعصابة اجرامية تسرق بدون حساب. اقول انها لمهزلة كبرى ان يستحوذ رأس النظام على ثلثي المدخولات النفطية التي تصل الى ستة مليارات دولار سنويا، ثم يسعى لمضايقة الناس في ارزاقهم باستقطاع نسبة من مدخولهم الضئيل.لقد عرف عن العم العزيز انه كان ينافس الناس في ارزاقهم، فيستحوذ على الصفقات والعمولات والمشاريع، ويقتطع الاراضي من كل حدب وصوب حتى وضع يديه على قطعة ارض كبيرة في أغلب قرى البحرين. اما الحاكم “الاصلاحي” وابنه الذي طالما تشدق بالنزاهة، فقد أصبحا اكثر شرها ونهما من عمهما. لقد عمدا الى البحر وتملكاه، وشجعا الآخرين من رموز هذه العائلة السارقة على وضع ايديهم على الاراضي البحرية بعد ان تقاسموا اراضي البحرين البرية. وما قضية “الحضور” الاخيرة الا احد مصاديق الجشع الخليفي الذي لا يعرف الحدود. انها قصة الأبناء الذين يعتقدون ان الله خلق هذه الارض لهم وسخر شعبها لخدمتهم، وهذه النظرية  التي تعتمد مقولة التمليك الالهي للعائلة المختارة لا تختلف عن عقلية الاحتلال الصهيونية التي تقوم على اساس الشعب المختار الذي أراد الله له ان يملك ارض الميعاد.
نقف اليوم حيرى امام هذا النظام الذي أوغل في الفساد والظلم والاجحاف والتمييز، واعتمد سياسة الابادة التي تعتبر من اكبر الجرائم ضد الانسانية، ضمن ما اصبح معروفا بـ “التجنيس السياسي” لنسجل موقفا تاريخيا يؤكد انه نظام غير شرعي بعد ان مزق مصدر الشرعية الوحيد بيننا وبينه. ومع استمرار هذا النضال المشروع لاعطاء الشعب حقه في تقرير مصيره والانطلاق مجددا من حيث انطلق في 1971، فمن المتوقع استمرار المعاناة على كافة الصعدان: فعلى المستوى الاجتماعي ستستمر المحنة لاننا نواجه نظاما ارهابيا شرسا لا يؤمن بقيم اسلامية او انسانية، ولكن هل المحنة الا قدر المؤمنين الصابرين المحتسبين حسب المفهوم القرآني الذي تؤكده الآية: “ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء، وزلزلوا، حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه: متى نصر الله؟ ألا ان نصر الله قريب”. انها محنة لهذا الشعب، أيصبر صبرا ايجابيا يعتمد مبدأ مقاطعة الظلم والظالمين، ويجاهده ليضعفه ويزلزل قواه، ام يستكين ويستسلم ويساير. وهي محنة على  المستوى الشخصي لكل من المظلومين: أيسكت على الظلم ام يصرخ بوجهه ويقاومه؟ هل يطبع علاقاته مع رموز الظلم ام يقاطعهم كأدنى مستوى لتغيير المنكر؟ أيمد يديه خانعا لرموزه، ام يستكبر عليهم ويشمخ ويكسر عنفوانهم بإبائه الحسيني؟ وهي محنة على مستوى الاخلاق: أنسعى لبناء الشخصية الاسلامية النظيفة التي تترفع على الفساد والمجاملة واقرار الظلم والتفوه بكلمات التعظيم والتبجيل للطغاة؟ ام نقبل بعطاياه ونقبل بالرواتب العالية التي تدفع لنا لشراء مواقفنا، ونحن نعلم ان هناك من يتضور جوعا، ومن لا ينال عشر ما نحصل ويبذل من الجهد اضعاف ما نبذل؟ وبكلمة أوضح: أنقر الظلم ام نرفضه؟ أنواجه اجراءاته خصوصا في مجال العطاء غير العادل؟ ام نقبل به لانه يملأ جيوبنا؟ انها اموال سحت ندعو الله سبحانه وتعالى ان لا يطمعنا فيها، وان يغنينا بحلاله عن حرامه، وبطاعته عن معصبته، وبفضله عمن سواه.
أيها المعطلون عن العمل: البحرين تسعكم جميعا في دوائر  رزقها، وفيها من الخير ما يغمركم ويزيد، ولكن اذا انتشر الظلم جاع الناس، وسعى الظالم لضمان طاعة الناس بتجويعهم والاستخفاف بهم. وذلك هو المنطق الفرعوني المقيت: فاستخف قومه فأطاعوه. البحرين ايها الاخوة هي بلدكم وبلد آبائكم وأجدادكم، وقد اختلط ترابها ببقاياهم، وصنعوا تاريخها بدمهم وعرقهم، وشيدوا مجدها بايمانهم وعلمهم، حتى احتلها الغزاة ودثروا ذلك التراث، ويسعون اليوم لمحو آثار الآباء والاجداد، ويفرضوا على النشء ثقافتهم التي تفتقر الى العلم والأدب، ويكفي ان من يمارس دور رئيس الوزراء اليوم ليس هو “العم العزيز” بل هو من صاغ  الشعر النبطي ليشتم غالبية هذا الشعب وتراثه، وهو الذي يدير مجلس الشورى عبر وكلائه ويدير مجلس الوزراء بعد ان قبل اللص الكبير بالصمت والانتظار حتى يحين قدره. أنتم أيها المعطلون ضحايا هذا النظام الوحشي الماكر، فليكن جوعكم سلاحا ضدهم، تقاومونهم به، ولتكن اجسادكم المعذبة ونفسياتكم المحطمة ادوات التغيير المطلوبة لاستبدال هذا النظام بما هو خير منه. ولا يخيفنكم فرعون وجنوده ببغيهم وضلالهم وارهابهم، فسوف يغرقون في البحر عما قريب، لانهم عاثوا الفساد في الارض، وبدلوا نعمة الله كفرا وأذاقوا شعبهم أشد العذاب.
 ايها المعطلون. لا تسمحوا لأحد باستغلال قضيتكم او التحدث باسمكم، فان لكم حقوقا يسعى المحتلون لاستبدالها بالمكرمات تارة، وبالسرقات التي ينهبونها من العاملين ضمن قانون “التعطل” السيء الصيت، لانهم يصرون على الاستمرار في السرقات والتلصص بأساليب مقننة. فهم يشرعون المنكرات ويقننون الظلم، ويدسترون الاستبداد والاحتلال. فاياكم ان تخدعوا او تحرفوا عن مسيرتكم الهادفة لاصلاح الشأن، واحذروا المحاولات التي تبذل لابعاد قضيتكم عن جوهر صراع أهل البحرين ضد هذه الطغمة المحتلة الفاسدة، فانها لا تنفصل عن قضايا الشعب الاخرى: كقضية ضحايا التعذيب، وقضية  الاسكان وقضية سرقة الاراضي واموال النفط وتغيير هوية البلاد وشعبها، وحماية الجلادين والقتلة. انكم ابناء شعب متحضر تواجهون وحوشا في اشكال آدمية، وقطاع طرق بلا أخلاق او وازع من ضمير. ومع ذلك فقد حمدتم الله على رزيتكم، ولم ترفعوا السيف بوجه المجرمين الذين يساومونكم على ما هو حق لكم، وقد قال امير المؤمنين عليه السلام: “عجبت لمن لا يملك قوت يومه، كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه”.  فالصمود الصمود، والصبر الصبر حتى يحكم الله بيننا وبين القوم الظالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق