Archive

Bahrain Freedom Movement

ترنما بنشيد الوطن، وغرفا من معين عاشوراء أنشودة الحرية، وامتزج بدمهما عبق الخطاب الحسيني، فوقفا امام النظام اليزيدي وقفة الابطال، لم يحنيا هامة ولم ينكسا رأسا. روحهما امتزج فيها الشعور بالايمان مع الانسانية، فتوفرت لها بصيرة قل ما تتوفر الا لمن ارتضاه الله ووفقه واصطفاه. وقفا امام القضاء الجائر، لا ليدافعا عن موقفهما، بل ليرفعا الضيم عن هذا الوطن المعذب. كانا يقضيان لياليهما في غرف التعذيب بضمائر مرتاحة، فيغفوان متعبدين لله بالموقف والعبادة، لا يقض مضجعهما سوى أنات الثكالى اللاتي ما زلن يبكين شهداءهن، والا امهات السجناء الذين يرتادون الزنزانات فرادى وجماعات، بدون ذنب سوى ايمانهم العميق بدينهم وقضيتهم. وقفا مرات امام القاضي الذي عينه النظام للتنكيل بهما، فوجد مهمته عسيرة، اذ ان عليه ان يثبت وجود جريمة لا وجود لها، وتجريم الأبرياء بدون دليل، وممارسة التضليل على اوسع نطاق. وقف حائرا أمام صمود هذين البطلين، فهو يقرأ لائحة اتهامات جوفاء لا تستند الى دليل، كتبها خبراء مستوردون من الخارج، احترفوا التزوير والظلم وفقدوا الضمير، وأصبحوا يدا للظالم على المظلومين. هذا القاضي ليس الا واحدا من اولئك المستأجرين لظلم الناس، فهو دمية أجلسها الخليفيون على كرسي القضاء بدون ان يكون لديه ضمير او انسانية او كرامة، فهو يستلم الاوامر من الاعلى وينفذها بدون ان يكون له رأي مخالف، فيسجن الابرياء وينكل بالمظلومين برغم انه  يسمع منهم كلاما مخالفا لما يقوله المتربصون بأهل البحرين وحقوقهم ووجودهم.
نقف في محرابهما لنتعلم منهما معاني الصمود وتتجلى امامنا صور الشموخ في عينيتيهما وجبهتيهما، ونتعلم منهما ما ينفعنا في مضمار النزال ضد الظلم والاستبداد. نفتح ملف قضيتهما فنجده خاويا الا من تهمة محددة واضحة، مفادها انهما حازا، في مملكة  الصمت، منشورا يدعو لمقاطعة انتخابات مجلس الطاغية، ويقدم الدليل القاطع على عدم جدوى مسايرة الظالمين او الانخراط في مشاريعهم. قرآ في تلك المطبوعة ما شدهما الى فكرة مقاطعة المشروع التخريبي الذي تئن البلاد تحت وطأته، وتعيش هاجس الخراب والفساد والاقصاء في ظله. لم يسعيا، وهما اللذان عاشا في كنف اهلهما وما وفروه لهما من تعليم وتثقيف وتوعية، لتجاوز حقوقهما كمواطنين يرفضان الانحراف والفساد. لكن رأس الحكم كان لهما بالمرصاد، فاذا بالمطبوعات التي كانت في حيازتهما تصبح وسيلة ادانة لهما، مع انها متوفرة على نطاق واسع في شبكة الانترنت، يستطيع تحميلها من يشاء من المواطنين، وهي متوفرة للقراءة على صفحاته، بدون ادنى عناء. نحن اذن امام حالة من الاستبداد والقمع غير مسبوقة في تاريخ البلاد الحديث، تستغل فيها العائلة الخليفية  الظالمة القوة الامنية المتاحة لديها لقمع اهل البحرين، بحجج واهية، وتنكل بهما ايما تنكيل. في مملكة  الصمت يصبح كل شيء ممنوعا اذا كان يحمل شيئا من النقد للاستبداد والقمع. فلا حرية الا لمن باع ضميره وراح يمارس اساليب النفاق، ولا حياة الا لمن يسبح بحمد الطغاة، ويساندهم ويتملق لهم.
في مملكة الصمت، اصبح الجلادون يحصون على الناس انفاسهم، يقضون اوقاتهم في متابعة الاحرار وترصدهم، بلا رحمة او ضمير. بالامس اقتادوا قافلة من الاحرار الى زنزانات التعذيب لانهم احتجوا ضد اعتقال اخوتهم، وما يزال بعضهم موقوفا لدى هؤلاء المجرمين الذين يشنون حربا حاقدة ضد اهل البحرين، ويسومونهم سوء العذاب، ويمارسون بحقهم أشرس أساليب التحقيق وأبشع أصناف المعاملة. فلا صوت يعلو فوق صوت الاستبداد، فلا حق لأحد بمعارضته، ولا يجوز ان يكون لأي من المواطنين موقف مغاير لما تريده العائلة الغازية التي احتلت بلدنا بالارهاب والقرصنة، وترفض ان تعامل اهل هذه الجزر الا بمنطق الارهاب والاستعباد. البطلان وجدا نفسيهما مخيرين بين مسايرة المحتلين والصمت على جرائمهم، والاستسلام لقوانين مملكة الصمت، او السعي لكسر الطوق واختراق الحجب والاسوار لاظهار الحقيقة. لقد عرف هذان البطلان ان التاريخ لا يرحم المتخاذلين والخانعين وكل من يساير الظلم او يرضى به او يصافح عناصره او يبتسم في وجوه اي منهم. يعرف هؤلاء، وهم الحسينيون قلبا وقالبا ووجودا، ان الحياة مع الظالمين برم لا يحتمله ذوو الضمائر الحية، وان عليهم ان ينطقوا حيث عز الناطقون ويرفعوا اصواتهم بالاحتجاج ضد النظام الشمولي المستبد، بكل ما آتاهم الله من قوة وعزم. وقفا بالامس، عندما قررا ممارسة حقهما الطبيعي في الاحتجاج ضد الطغاة بأساليبهما السلمية المتحضرة، وكررا الموقف نفسه امام القاضي المرتزق الذي اقتصرت مهمته على تكرار مقولات عناصر التعذيب، حول وجود “خطة لاسقاط نظام الحكم بوسائل غير مشروعة” وصارا يضحكان من ا عماقهما على هذه التفاهات الهابطة، وأصرا على موقفيهما بلا تردد او تراجع.

حسينيان هما، فقد عرفا ان التاريخ الذي لا يكتبه الاحرار بدمائهم يصبح مزيفا، وان اليزيديين خطر ليس على البلاد فحسب، بل على الامة والانسانية، فهم محترفون للقتل والاضطهاد والتضليل والتشويش، وما لم يقف الشرفاء بوجههم مواقف حسينية باسلة، فلن يكون هناك ملجأ من ظلمهم، ولا سلامة للاوطان من مكرهم وخدعهم. وقفا وقلباهما يختلجان بذكر الله، وفي عينيهما نور الله الذي يشع على القلوب فيملأها وعيا وبصيرة واحساسا مرهفا، وعلى وجهيهما سيماء الايمان والصمود، لا يلويان على شيء سوى علم الخير وشرف الموقف، واستماتة الشرف. انهما على موعد مع المجد المؤثل، بعد ان وجدا نفسيهما في ذات الموقف الحسيني الذي رأى ان دين رسول الله لن يستقيم بدون التضحية والفداء. انهما سليلا تلك الثلة الطاهرة، والثقافة المبدئية التي لا تتزعزع ولا تلين ولا تهين. وهما عملة نادرة في زمن بيع الضمائر والتخلي عن المباديء والمواقف والاخلاق. وماذا عساهما ان يخسرا وهما يسمعان قول الله سبحانه، يدعوهما لاقراضه قرضا حسنا، بالموقف الرسالي المسؤول الذي ينطلق على اساس الحرية والوعي ورفض الطاغوت الذي يمثله الحكام الظالمون. لقد أعادا مجد الاوائل الذين تشبثوا بالموقف برغم قلة  العدد وفقدان الناصر، فكان الله ناصرهم ومعينهم، ومذل أعدائهم. يعرف البطلان ان الله يمهل ولا يهمل، وان الظالمين لن يكونوا آمنين من غضب الله وانتقامه وسخطه. فها هو صدام واخوه وثالثهما، يواجهون القصاص العادل على ايدي ضحاياهم، فما أصدق القول: يوم المظلوم على الظالم، أشد من يوم الظالم على المظلوم”. صراع مرير بين اهل الحق والظلمة، انطلق قبل قرون، وما يزال متواصلا، وكان بحق مصداقا للسنن الالهية والقوانين الكونية التي تنطبق على البحرين، تماما كما انطبقت على العراق وبقية البلدان التي حكمت برهة بالحديد والنار. انها السنن الالهية المقدسة، فلا راد لارادة الله وبراهينه وقوانينه، ولا منجي غيره من سبيل الهلكة والفناء. اللهم أعنا على نفوسنا وطغاتنا، وكن لهم بالمرصاد فقد حاربوا بلادك وعبادك، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق