Archive

Bahrain Freedom Movement

print_logo-1881711

يخبرنا التاريخ ان نابليون بونابرت بعث مفرزة من رجاله الى جبال الألب ليتعرفوا على الطريق الى ايطاليا، وليروا ان كان بالاماكن لجيش مكون من ستين الفا ان يعبر تلك الجبال. قال احدهم لنابليون: “يمكن ولكن”. فقال القائد الفرنسي: “هذا يكفيني، هيا بنا”، وأمر جنوده بعبور الطريق عبر الجبال الشامخة، وما هي الا اربعة ايام حتى وصلوا الى سهول ايطاليا. قال نابليون لرجاله: “ان الرجل الذي صمم على الفوز لا يقول: هذا مستحيل”.
شرط اساسي لا بد ان يتوفر لدى من يتصدى للمشاركة في النضال الوطني، سواء في المواقع القيادية ام التنفيذية، يتمثل بالاعتقاد بامكان التغيير. فما لم يتوفر هذا الشرط فلا معنى لبذل الجهود. فاذا لم يؤمن الشخص بان من الممكن احداث تغيير في الوضع السياسي فلا يستطيع خوض غمار الصراع، لانه يشعر بحتمية الهزيمة عند منازلة العدو. وعلى صعيد الوضع في بلدنا المظلوم، فان المناضلين مطالبون بان تكون معنوياتهم مرتفعة، وشعورهم بامكان تحقيق الفوز قويا، والا اصبحت همتهم في المواجهة هشة بسبب ضعف المعنويات.
في الفترة الاخيرة لوحظ تداعي معنويات بعض الرموز، حيث تعمق لديهم الشعور اما بعدم الرغبة في مواجهة المشروع التخريبي المفروض على البلاد لان ذلك يعني “مواجهة مباشرة مع حمد” او عدم القدرة على تلك المواجهة، بدعوى ان “العائلة الخليفية لا تتنازل عن موقفها”. وكلا الحالتين تعكسان عددا من الامور: اولها الشعور بالضعف الذاتي، ومن يشعر بذلك لا يصلح ان يكون في مقدمة الركب، ثانيها: انه شعور انهزامي، ومن ينهزم قبل دخول المعركة فلا معنى لوجوده في المعمعمة لانه يرهق كاهل اصحابه وينال من عزمهم وعزيمتهم. ثالثا ان التصدي للطغاة امر صعب يحتاج الى نفوس عالية وهمم رفيعة، وفي الوقت نفسه احساس بالقوة النابعة من عدالة القضية وحتمية سريان القوانين الالهية في المجتمعات والامم. وبدون توفر هذه الشروط، يصبح من العبث الحديث عن التصدي والقيادة.
اننا نشعر بقدرة شعب البحرين على دحر الطغاة وكسر شوكتهم، وما اكثر الانتصارات التي سجلها بصموده ومواقفه المشرفة، وآخرها موقفه المشرف يوم الجمعة 9 فبراير الماضي عندما زلزل الارض تحت اقدامهم، وأرغمهم على اطلاق سراح البطلين الشامخين. ولم تتوقف بطولته هناك، بل تواصلت في الاسابيع اللاحقة، وما تزال مستمرة، فهو يطالب باطلاق سراح سجنائه، وقد ارغمت العائلة الخليفية على اطلاق سراح بطلين آخرين من ابطال البحرين، وسوف ترغم على اطلاق سراح الآخرين، بدون الحاجة الى الالتماسات والمكرمات. فطريق النضال هو الاقصر لتحقيق الاهداف النبيلة، اما القوة وحدها فلم تحسم قضية قط، ولطالما انقلبت الامور ضد من يبالغ في استعمال القوة والعنف والتعذيب بحق المظلومين والمستضعفين.
وكما قال نابليون:  “ان الرجل الذي صمم على الفوز لا يقول: هذا مستحيل”. وقرآننا العظيم يبشر المؤمنين الصابرين بانهم هم المنتصرون في صراع الحق مع الباطل: “انهم لهم المنصورون، وان جندنا لهم الغالبون”. ولكن هذا النصر لا يتحقق الا بتعمق الشعور بالقوة والمنعة والأنفة والشموخ، وعلو الايمان، وهبوط الباطل، وان كيد الشيطان كان ضعيفا. ومن يتردد في معركة الشرف والكرامة مع الطغاة، ويشعر بانه لا يستطيع مقارعتهم والتصدي لجبروتهم وطغيانهم، فقد حكم على نفسه بالهزيمة قبل وقوعها. ان الساحة تحتاج لذوي الهمم الرفيعة والمواقف الشجاعة، الذين يكيلون الصاع صاعين للمعتدين والطغاة، ويتحدونهم بلا تردد او تراجع او مداهنة او مساومة او مسايرة. فذلك خط الايمان الذي يستوحي قوته من الله العظيم وعدالة مطالبه، واستواء خطه، واعتماده على الله وحده.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies. 

إغلاق